داخل الفصل الجماعة قبل الفرد
كل من يمارس مهنة التدريس إلا و قد صادفه أن تكون عنده مجموعات أصعب
من غيرها و أقسام يعتبرها متعبة وأخرى يجدها ممتعة و يسر بلقائها الحصة
تلو الأخرى.
تختلف طباع الأفراد داخل آلقسم الواحد و قد لاتنسجم دوما بشكل إيجابي مما يجعل ذلك مضنيا بالنسبة للمدرس.
التفاعل داخل القسم بين التلاميذ ومع المدرس قد يكون ميسرا للعملية
التعليمية كما قد يكون عائقا ومصدرا لمجموعة مشاكل تتراكم فيصعب حلها.
مايغفله المدرسون أحيانا ،خاصة ممن يتكلفون بالإشراف على قسم بعينه و
متابعته طيلة عام دراسي كامل، هو أن للانسجام الجماعي داخل الفصل دور فعال
في خلق الجو التعليمي المرغوب فيه وأن التأثير فيه يكون أكثر نجاعة مع
بداية الموسم الدراسي.
التلاميذ يتواجدون في بداية الموسم الدراسي داخل قسم معين وهم لايعرفون عن
بعضهم شيئا وأولى انطباعاتهم عن بعضهم تكون مجرد استنتاجات انطلاقا من
الشكل و المظهر و ربما بعض التصرفات التي يقوم بها البعض و قد لا تعبر
فعليا عنهم وشخصيتهم.
الانطباعات الأولى كما هي في كل الحالات و في الحياة عامة قد تكون خاطئة و قد تسبب تنافرا ومشاكلا الفصل في غنى عنها.
بإمكان المدرس في الحصص الأولى أن يقرب التلاميذ من بعضهم بشكل يجعلهم
ينسجمون بشكل جيد و في نفس الوقت يقتربون من المدرس ويضعه في مكانه كمؤطر
للعملية التعليمية وكحارس حريص على نجاحها و عامل فعال في المجموعة
المتواجدة داخل القسم و ليس كمراقب فقط.
المدرس الذي يستقبل تلاميذه و يحييهم وهو يقف بجوار الباب وهم يدخلون
الواحد تلو الآخر يجعلهم يستأنسون له و يحسون بأنهم يدخلون إلى مجاله بأمان
وأنهم سواسية بالنسبة له، كما يمكنه من أخذ فكرة عن شخصياتهم و مزاجهم في
الوقت ذاته فهناك من يرد و يتجنب النظرات خجلا و هناك الذي دخل مقطبا
الجبين لأمر حدث وهكذا.
عوضا عن البدء مباشرة في الدرس و التمرين في الأيام الأولى من العام
الدراسي يمكن للمدرس أن يقوم بتعريف التلاميذ على بعضهم من خلال إفساح
المجال أمامهم للتعريف بأنفسهم و اهتماماتهم بطريقة مرحة وغير محرجة و
لنتذكر دوما أن هناك من لايحب ذكر سنه أو التحدث وكل العيون مسلطة عليه.
يمكن مثلا أن يقسم المدرس التلاميذ إلى مجموعات و يطلب من كل تلميذ داخل
المجموعة الواحدة كتابة أربعة أشياء عن نفسه تتضمن معلومة واحدة غير صحيحة
وعلى البقية في مجموعته أن تخمن وتكتشف المعلومة الخاطئة.
من الأنشطة التي تخلق انسجاما أكبر بعد أن يتعرف التلاميذ على بعضهم بفترة
والتي تجعل التلاميذ يغادرون الفصل غالبا باسمين هي أن يطوي المدرس وريقات
تحتوي على أسمائهم و يجعلهم يختارون وريقة عشوائيا و المطلوب منهم أن
يكتبوا بصدق ثلاث أشياء إيجابية عن الاسم الذي اختاروه .
يتقرب التلاميذ بهذه الطريقة من بعضهم أكثر وفي نفس الوقت يلعب المدرس دورا محوريا ويعزز ثقة التلاميذ به.
أنشطة أخرى كثيرة يمكن للمدرس ابتكارها و تطبيقها لتفعيل و تقريب التلاميذ
كأفراد منه ومن بعضهم والتأثير فيهم كمجموعة . الوقت الذي ستستغرقه تلك
الأنشطة و الذي قد يعتبره البعض ضائعا هو في الحقيقة مكتسب ومستغل على
أصعدة شتى فهو يسهل العملية التعليمية ويكسب التلاميذ مهارات اجتماعية
إيجابية ويخلق الجو الإيجابي المروم بالنسبة للمتعلم و المعلم في الآن
نفسه.