الدروس الخصوصية سلوك اجتماعي وقصور مدرسي...

ارتبطت الدروس الخصوصية في
بدايتها بالطبقة الغنية في المجتمع ، إلاّ انها سرعان ما تحوّلت الى
"ثقافة اجتماعية" تتجلّى بوضوح نهاية العام الدراسي وتحديداً في الفترة
التي تسبق الامتحانات الرسمية. في هذه المرحلة تبدأ عملية البحث عن أستاذ
ينقذ طالباً مهملاً او يؤمن النجاح لتلميذ الشهادة الرسمية. وبين حاجة
الاهل لتأمين النجاح لولدهم وبين الحاجة الاقتصادية للمدرس تدور لعبة العرض
والطلب، ليتحوّل الامر لدى كثيرين الى حالة إدمان قد تستمر حتى مقاعد
الجامعة.
كثيرة هي الاعتبارات التي تدفع الأهالي لتعيين أساتذة خصوصيين
لأولادهم. فهم يتمنون الأفضل لهم، ويتدخلون في أغلب الأحيان لرسم معالم
مستقبل يريدونه أن يكون مكملاً لما ينقصهم هم. فالولد مرآة العائلة، لذلك
يسعى الأهل دوماً إلى تحصينه قدر المستطاع بشتى الوسائل ليقدم الأفضل
فيبالغون في تأمين كل ما يحتاجه، ومنه التحصيل العلمي خارج إطار المدرسة.
هم وإن اختلفت دوافعهم للاستعانة بمدرّس خاص لولدهم يبقى تحسين مستواه
الهمّ الأول لديهم. وفيما يلجأ قسم
منهم الى ذلك لإزاحة المسؤولية عن كاهلهم والتفرّغ لأمورهم الخاصة، يبدو
الأمر بالنسبة الى آخرين حاجة ملحّة لعدم قدرتهم على القيام بذلك بأنفسهم
لتدني المستوى التعليمي لديهم او لعدم توافر الوقت الكافي لذلك.
وهناك أيضا من النساء من يفضلن دفع المال،
وتحديداً إذا كان متوافراً، لتأمين وقت حرّ لاهتماماتهن الأخرى. وبين
الحاجة الضرورية والكماليات يعتاد الولد على الفكرة، خصوصاً إذا كان في سن
مبكرة، حتى ان كثيرين منهم يرفضون المساعدة خجلاً من رفاقهم فتقنعهم
الوالدة بالتكتم على الموضوع لان "النتيجة هي ما يهم"، وهاجس العلامات لا
يمكن مداواته إلا بالتفوق على "إبن الجيران". ومِن الطلاب من يعتاد
على الدروس الخصوصية لا سيما في المواد العلمية، اذ ان "شرح المعلم غير كاف
وهو لا يستطيع الوقوف عند كل نقطة". بعض
الأهل يتعامل مع المسألة كمن يتبضع من أغلى المتاجر، فيحرص على استقدام
مدرّس يتقاضى مبالغ باهظة ليظهر اهتماماً هائلاً وقدرة خارقة على الدفع.
بعض المدارس وتحديداً الخاصة منها تلجأ الى "حشو"
الطالب بالدروس فتنهكه بكمية كبيرة منها حتى تصبح الحاجة إلى المساعدة
اليومية ضرورية كي يتمكن من إكمال وظائفه. كما ان مدارس كثيرة في
القطاعين الرسمي والخاص تساهم الى حد بعيد وعن غير قصد منها، وبما تمنح من
رواتب ضئيلة، في تحويل مدرسيها نحو الدروس الخصوصية خارج البنى المؤسسية
وبالتالي صرفهم عن مهامهم الأساسية التي من المفترض أن تصب أصلاً على
التعليم المنظم في المؤسسات التربوية والتعليمية القائمة. اليوم
باتت الدروس الخصوصية ظاهرة تحوّلت إلى موضة لا يكاد يخلو منها أي بيت
بعدما بات المدرّس الخصوصي حاجة عضوية للعائلة. وبين من يرى أن انخراط
المعلمين في دوامة الدروس الخصوصية هو محض تجارة، ومن لا يزال يؤمن بقدسية
التعليم، تتنوّع النماذج وتتعدد. إذ وعلى الرغم من وجود بعض "الأساتذة"
الذين لا يتمتعون بالقدر الكافي من المستوى التعليمي التربوي"، إلا أنّ
هناك الكثيرين ممن يستحقون الاحترام تحت تأثير ضمني مهني يدفعهم إلى الحفاظ
على شرف المهنة في خضم فوضى تعليمية وضائقة مالية مستفحلة بين المواطنين،
والمعلمين ضمناً. ومهما تعدّدت الأسباب والتبريرات التي يقدمها الأهل
والطلاب، يتفق الباحثون وعلماء الاجتماع على ان الدروس الخصوصية تفرز
طالباً غير قادر على تحمل المسؤولية وإدارة شؤونه بنفسه. طالب غير متعلم،
إنما خزان لمعلومات لم يفهمها ولم يستوعبها.

بغض النظر عن النتائج
التي يتوقعها الطلاب والاهل والاساتذة من الدروس الخصوصية، يعرفها علماء
الاجتماع بأنها سلوك اجتماعي وقصور مدرسي، بعيد من عملية التعلم التي من
اهدافها الاول الكشف عن الابداعات وصقلها وإكساب المهارات والتدريب عليها.
التعليم بمفهومه المنهجي يتمّ وفق برنامج محدّد بهدف تأهيل الطالب للدراسة
الجامعية وبناء شخصيته ليصبح قادراً على التفكير والتحليل وإبداء الرأي
واتخاذ القرار والحوار وقبول الآخر. أما في الدروس الخصوصية فيتمّ التركيز
على محور التعليم بمفهومه الضيق وإهمال محوري الإبداع والمهارات بآلية
وميكانيكية بعيدة من الفهم على طريقة من كان هدفه أن يعبىء أو يملأ شريط
تسجيل بمادة صمّاء غير مفهومة، فيصبح الطالب في الدرس الخصوصي عبارة عن
شريط سهل للمسح

جزاك الله خيرت على مفهومك الرائع

شكرا لك غاليتي واصلي نميزك

الله الله طرح مميز

فكرة مفيييدة
شكرا لك على ما قدمت من معلومات مهمة

» ظاهرة الدروس الخصوصية إلى متى
» وداعا للدروس الخصوصية
» مجموعة الدروس الكاملة في علم المواريث
» أهم فقرات الدروس في الرياضيات الثالتة اعدادي
» جميع ملخصات الدروس+امتحانات+حلول في مادة الإجتماعيات