window.google_render_ad();
تكاثرت ظاهرة الدروس الخصوصية المُكلفة أو المُدرسّين الخواص والتي خلفت التعليم التكميلي الحكومي المجاني في المغرب في السنوات الأخيرة بحيث أصبح الآباء والتلاميذ لا يجدون بُدّا من اللجوء إلى هذا الحل لتحسين الأداء المدرسي.
في رأي العديد من الطلبة، دفع كلفة تعليم "خارج" نطاق المدرسة التقليدية أصبح الحل الأوحد لسد فجوة التعليم الأكاديمي المتسم باكتظاظ حجرات الدرس وبرنامج الدروس التي لا يطاق تحملها فما بالك التغلب عليها. ولكن بالنسبة للأسر، خاصة تلك التي يدخل أبناؤها كلهم المدرسة في آن واحد، فهذا الحل يطرح عبئا ماليا كبيرا.
لا يبدو أن ثمة مستوى من مستويات الدراسة يخلو من ظاهرة التعليم الخصوصي التكميلي سواء تعلق الأمر بآباء تلاميذ المدارس الصغار إلى تلاميذ الثانويات المُقبلين على امتحانات الباكالوريا فكلهم يشعر بضروبة الاستعانة بالدروس الخصوصية لتحسين الاداء. الممرضة فاطمة نبار تمثل نموذج الأم المغربية التي تقاوم لمواجهة هذا المشكل المُجهد. إذ تجد نفسها مضطرة إلى اللجوء إلى هذا الأسلوب لضمان نجاح أبنائها في نهاية السنة في تصريح لمغاربية.
فاطمة أم لثلاثة أبناء وكلهم يتلقى دروسا خصوصية إضافية وهم مازالوا في المدرسة الابتدائية.
أوضحت تقول "بعض الأساتذة يُرغم تلاميذه على حضور ساعات إضافية من الدروس الخصوصية لكي يحصلوا على نقاط جيدة حتى لو كانوا في مستويات حسنة. وهذه الحالة مع أبنائي الذي يتعرضون للمضايقة المستمرة من أستاذتهم المدرسية لأنهم توقفوا عن تلقي الدروس الخصوصية في البداية". إبنها الأكبر أحمد قال إنه بسبب الضغوط من أستاذ الرياضيات أُرغم على الانضمام لبقية التلاميذ لتلقي دروس الدعم الخصوصية".
وأضاف يقول "لقد تعمد تجاهل تفسير الدروس لنا كما ينبغي في الفصل حتى يوحي لنا بأن نحاحنا وتحسين مستوياتنا يتوقف فقط على حضور ساعات الدروس الخصوصية التي يقدمها وهذا يكلف 250 درهما عن الشهر الواحد".
وتتزايد الظاهرة بشكل ملحوظ بالرغم من أن هذه الممارسة التكميلية "غير المعلنة رسميا" ممنوعة من قبل وزارة التعليم الوطنية. بل أن مزاولة هذا العمل ينافي العمل الأخلاقي لأعضاء هيئة التدريس بحسب الأستاذ محمد السجلماسي الذي يعتقد أن "الأستاذ مُطالب بتربية الأجيال لأن ذلك واجب المواطنة. لكن للأسف فإن القيم الأخلاقية قد تغيرت".
أما الأساتذة الذين يلجأون لهذه الظاهرة فيُبرّرونها بعدد من الأسباب. الأستاذة سليمة التي تُكمّل مدخولها المادي بتقديم دروس خصوصية إضافية تقول إن الظاهرة ما كانت لترى النور لو أن الأساتذة يتلقون أجور لائقة بحسب وزنهم الحقيقي.
وتابعت تُفسر "يصعب عليك اليوم تلبية احتياجاتك الأساسية مع هزالة الأجرة التي تتقاضاها. إننا حقا في حاجة إلى مصدر ثان حتى نتمكن من تلبية احتياجاتنا اليومية" وأضافت أن الأستاذ مع ذلك لا ينبغي عليه إجبار التلاميذ على تلقي الدروس الخصوصية خارج نطاق المدرسة بل عليه تشجيع التلاميذ من ذوي الاداء الضعيف على التحسن داخل المدرسة الرسمية. وتعترف بأن "الواقع الحقيقي يمنع من تحقيق ذلك".
أمام عالم الاجتماع جمال ابراهيمي فيعتقد أن المسؤولية في تفاقم الظاهرة لا يجب تحميلها على الأساتذة بمفردهم وإنما مردها التغييرات الاجتماعية في المغرب أيضا. إن الآباء المشغولون بكثرة لا يُفسح لهم المجال للاعتناء باحتياجات أبنائهم ويفضلون الحل السهل. ويزعم أن "الأباء يفضلون التعاقد مع أفراد لمراجعة أداء أبنائهم في المدارس حتى يتمكنوا من التمتع بأوقات فراغهم".
قال الإبراهيمي "لقد تغيرت المواقف إزاء الدروس الخصوصية في السنوات الأخيرة. بل أنها أصبحت موضة العصر التي يجب اتباعها بينما كان يُنظر إليها قبل سنوات قليلة على أنها بمثابة تلبية لرغبات التلاميذ الكسالى".
الأستاذ كريم المهدي ينفي الاتهامات بأن الأساتذة صنعوا هذا القطاع الموازي للربح وقال إن الأستاذ ولو كان لا يقدم دروسا خاصة مباشرة فإن التلاميذ يتجهون من تلقاء أنفسهم للبحث عن مراكز التعلم الخاص المتخصصة في أي مادة يحتاجون إليها. وقال "في خلال السنوات الأخيرة، ازدهرت حرفة الدروس الخصوصية التكميلية وهذه قصة من قصص النجاح".
وبالفعل، فهناك عدد لا بأس به من الشباب الذين يتبعون هذا السبيل للإفلات من قبضة البطالة. فعلى سبيل المثال هشام الجبري الذي تخرّج من كلية العلوم في الكيمياء والفيزياء عام 1994 يتعاون مع عدد من أصدقائه منذ 2006 لإنشاء مركز لتقديم دروس الدعم الخصوصي في الانكليزية والفرنسية والرياضيات والعلوم.
قال بنبرة ملؤها الفخر "كنت أقدم الدروس الخصوصية من وقت لآخر لبعض تلاميذ الجيران لكسب متواضع في نهاية الشهر. وبعد ذلك طال أمد البطالة فقررت إنشاء مشروع مع أصدقائي وحالفنا النجاح. هناك العديد منهم يأتون للاستفادة من خدماتنا".