حياة خالد ومعاركه قبل الإسلام
أ - القسم الأول
نبذة عن حياة خالد بن الوليد
(1) ميلاد خالد
ولد خالد بن على أصح الأقوال في سنة ستة وثمانون وخمسمائة من الميلاد أي بعد ميلاد النبي ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم بما يقرب من ستة عشر عاما ، وكعادة العرب في قريش أرسل إلي إحدى القبائل في الصحراء ، وذلك لتقوم أحد المرضعات على تربيته والاعتناء به ، ويستنشق هواء الصحراء النقي والذي أدي إلي تمتع خالد بصحة جيدة طوال حياته ، وكذلك ليتعود على حياة الخشونة في البادية ويتقن اللغة العربية ، وبذلك عاش طفولته بين عرب الصحراء ، ولقد أصيب خالد في طفولته بمرض الجري الذي أدى إلى ظهور بعض البثور في وجهه طوال حياته ، وعندما بلغ سن الخامسة عاد إلى منزله أبويه في مكة .
(2) عائلة خالد
كان والد خالد هو الوليد بن المغيرة أحد سادات قريش وزعيم بني مخزوم إحدى أشرف بطون قريش ، وكان والده يلقب بالعدل أو الوحيد لأنه كان يكسو الكعبة وحده سنة وتكسوها قريش سنة ، وكان عمه هشام قائد بني مخزوم في حرب الفجار ، و بوفاته أرخت قريش كما ت}رخ بالأحداث العظام ، وكان عمه الفاكه بن المغيرة من أكرم العرب في زمانه ، وكان عمه أبو حنيفة أحد الأربعة الذين أخذوا بأطراف الرداء وحملوا فيه الحجر الأسود إلي موضعه من الكعبة كما أشار النبي صلي الله عليه و سلم قبل الإسلام ، وكان الذي فض هذا النزاع هو عم أخر من أعمام خالد هو أبو أميه بن المغيرة الملقب ب " زاد الراكب " أما أمه فهي لبابه بنت الحارث الهلالية وهي أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين زوج النبي صلي الله عليه و سلم .
(3) بني مخزوم وقريش
كانت قريش من بين عرب الجزيرة لها امتيازات ومسئوليات خاصة وشريفة إذ أنها تحيا في عاصمة الجزيرة بجوار البيت العتيق ، وكان لبني مخزوم مسئولية هامة حيث كانوا أحد أشرف بيوت قريش ، وكان بني مخزوم مسئولين عن تشئون الحرب والقتال ، وكانوا مسئولين عن تربية الخيل التي تمتطيها قريش للقتال ، كما كانوا يتخذون الترتيبات والتجهيزات اللازمة للحملات ، وكانوا يقدمون الضباط لقيادة جماعات الفرسان القرشية في المعركة مما هيأ الجو الذي ترعرع فيه خالد .
يتضح أن بني مخزوم كانوا في ثروتهم وعدتهم و بأساهم أقوى البطون القرشية حيث ينفرد كل بطن عن سائر بطونها ، ولكنهم لم يستأثروا بالزعامة القرشية لأنهم كانوا ينافسون بني هاشم وبني أمية وبني عبد الدار الذين كانوا يلتقون في جد واحد أقرب من الجد الذي يجمعهم ببني مخزوم ، وقد تبين ذلك في مواقف كثيرة قبل الإسلام حيث قاموا وحدهم ببناء ربع الكعبة بين الركنين الأسود و اليماني و اشتركت قريش كلها في بناء بقية الأركان وكان لهم في وقعة بدر ثلاثون فرسا من مائه فرس لقريش .
(4) تعلم خالد مهارات القتال وفنونه
مما سبق يتضح أنه كان علي خالد وهو مخزومي أن يصبح فارسا ماهرا ، وقد بدأ خالد يتعلم ركوب الخيل وهو طفل وسرعان ما أتقن أعمال الفروسية ، ولم يكن كافيا أن يركب الخيل المدربة فقط ولكن كان عليه أن يركب أي حصان ، ولذلك كان يعطي خيلا صغيرة السن غير مروضة و يروضها ويجعلها رهن إشارته ، وكان فرسان بني مخزوم أفضل فرسان العرب وأصبح خالد من أفضل فرسان بني مخزوم ، وقد ساعد على ذلك غنى وأبيه الوليد الذي جعله ليس في حاجة إلي كسب رزقه فانصرف إلي تعلم ركوب الخيل و المبارزة ، وكما كان عليه أن يحسن ركوب الحصان فكان عليه أن يكون ماهرا في ركوب الجمال أيضا ، وذلك لأن الحصان كان يستخدم في القتال ، والجمل يستخدم في المسيرات الطويلة وذلك عند العرب .
تعلم خالد مهارات القتال جنبا إلي جنب مع ركوب الخيل ، وقد تعلم استخدام جميع الأسلحة والمزراق و الرمح و الرمح و القوس والنشاب والسيف ، كما تعلم القتال علي ظهر الحصان ، ومترجلا ، وكان يتفوق في استخدام الرمح وهو علي صهوة جواده واستخدام السيف راكبا أو مترجلا ، وهو كمصارع ارتقى سلم المجد عاليا حيث جمع بين المهارة والقوة .
(5) دور أبيه في تدريبه
كان الوليد أبو خالد مدرب خالد العسكري الأول وقد تعلم منه خالد أول دروسه في فنون الحرب ، لقد تعلم كيف يتحرك بسرعة في قلب الصحراء وكيف يقترب من قرية معاديه وكيف يهاجمها ، وتعلم منه أهميه أخذ العدو على حين غرة ، ومهاجمته في وقت غير متوقع ، ومطاردته عندما يلوذ بالفرار .
إن العرب عرفوا جيدا قيمة السرعة , وخفة الحركة ، كما أن الحروب القبلية كانت تعتمد بشكل رئيسي على تكتيكات القتال ، وعندما وصل خالد إلي النضج أصبح اهتمامه الرئيسي هو الحرب وأصبح هذا الاهتمام مسيطرا عليه بدرجة كبيرة ، وكانت أفكاره أفكار قتال ، وكان طموحه طموح النصر ، وكانت دوافعه عنيفة وكان تركيبه النفسي عسكريا وكان يصبو إلي خوض معارك كبيرة وإحراز انتصارات عظيمة .
(6) إسلام خالد
( أ ) بني مخزوم والدين الجديد
كان ظهور الدين الجديد يأتي علي مجد مخزوم من القواعد حيث كان لهم السيادة في قريش وهذا الدين انتزع السيادة منهم ، ولذلك كان معسكرهم أولى المسكرات أن يصمد في معاركه مع هذا الدين الجديد لأن بلاءه بإدبار الجاهلية أكبر من كل بلاء وموقفهم أمام الإسلام موقف من ينافح عن عزته وعزه بيته وعزه آبائه وأجداده ، وعزه النظام الاجتماعي كما قررته الجاهلية أحقابا بعد أحقاب .
( ب ) دور أبو خالد في الصراع
لقد بذل أبو خالد في الصراع قصارى ما في وسعه و هو الذي صاح بانفعال عندما جمع النبي صلي الله عليه وسلم قريش لدعوته قائلا " لماذا تنزل النبوة علي محمد ولم تنزل علي وأنا أكبر رجل في قريش منزلة وسنا " وهو الذي بذل ولده عماره بن الوليد ليستبدله بالنبي صلي الله عليه وسلم من أبي طالب حتى يقتلوا النبي ويكون نفسا بنفس ، وكان علي خالد وهو من بني مخزوم أن يعادي الدين الجديد ويقف منه نفس الموقف الذي وقفه أهله وعمومته وهذا ما حدث .
( ج ) تغير تفكير خالد
بعد مضي بعض الوقت حدث تغير في تفكير خالد ففي البدء كان يفكر في الأمور العسكرية والأهداف العسكرية والتي تحطمت علي صخرة الإسلام ، وبدأ الشك يحاصر خالد فيما يتعلق بمعتقداته الدينية ، وهو الذي لم يكن في يوم من الأيام متدنيا وميالا إلى آلهة الكعبة وكان فكره دائما متفتحا ، وها قد بدأ التفكير بإمعان في الأمور الدينية ، ولكنه لم يفصح عن أفكاره لأحد إلى أن شعر أن الإسلام هو الدين الحقيقي ، حدث ذلك بعد عمرة النبي بحوالي شهرين والتي كانت في العام الذي تلا صلح الحديبية .
كان إسلام خالد ضربا من التسليم ، التسليم بمعناه العسكري المصطلح عليه بين القادة ورجال الكفاح ، وذلك لأنه أسلم أو سلم تسليم القائد البصير بحركة القتال بين المد والجزر وبين النصر والهزيمة ، الخبير بموضع الإقدام وموضع الإحجام ، إذ أنه يتساءل من أين لمحمد ذلك النصر المبين بعد النصر المبين ؟ ومن أين له ذلك العون الذي يدركه وقد أحاطت به الهزيمة من كل فج ؟ ومن أين للمسلمين ذلك الأدب وذلك الخشوع ؟ ومن أين للنبي بينهم ذلك السلطان الصادع والصوت المسموع ؟
( د ) رسالة أخيه الوليد
في تلك الفترة التي بدأ يتغير فكر خالد جاءت إليه رسالة من أخيه الوليد يقول فيها " أما بعد :- فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام ، وعقلك عقلك ، ومثل الإسلام يجهله أحد !......" ثم مضى يقول "سألني رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : ما مثل خالد يجهل الإسلام ، ولو كان نكايته وحده مع المسلمين علي المشركين لكان خيرا له ،و لقدمناه علي غيره ,فاستدرك يا أخي ما فاتك منه ، فقد فاتك مواطن صالحه " .
تلك كانت هي الدعوة التي جاءت في أوانها , وكان إسلام خالد هو الجواب .
( هـ ) إظهار ما يراوده من أفكار حول الإسلام
بعد تفكير خالد جيدا ، استقر رأيه حول الإسلام ، وقابل عكرمة وآخرين وقال لهم " من الواضح للعقل النير أن محمدا ليس شاعرا و لا ساحرا كما تزعم قريش ، ورسالته من عند الله ، ومن واجب كل ذي بصيرة أن يتبعه " .
صعق عكرمة بهذه الكلمات وقال "هل ستتخلى عن ديننا " ، فقال خالد " قررت أن أومن بالإله الحقيقي " فقال عكرمة " من الغريب حقا أن تقول أنت هذا القول من بيت القرشيين " ، فقال خالد " لماذا ؟ " فقال عكرمة "لأن المسلمين قتلوا الكثير من أبناءنا في المعارك و بالنسبة لي فإنني لن أومن بمحمد ، ولن أكلمك حتى تتخلى عن هذه الفكرة غير المعقولة ، ألا ترى قريش تطلب دم محمد ؟ " ، فأجاب خالد إنها مسألة جهل .
كما غضب أبو سفيان عندما علم عن تحول خالد عن عقيدته وهدد خالد بالعواقب الوخيمة التي تترتب على ذلك ، ولكن عكرمة على الاختلافات الدينية بينه و بين خالد وقف إلي جانبه ضد أبي سفيان و قال " اهدأ يا أبا سفيان فإن غضبك سيقودني أيضا إلي الانضمام لمحمد ، فخالد حر في أن يختار الدين الذي يرغبه" .
( و ) هجرة خالد
بعدما حدث مع أبي سفيان ، أخذ خالد درعه وسلاحه وفرسه وانطلق إلي المدينة وفي الطريق قابل عمرو بن العاص وعثمان بن طلحة ، الذين كانوا متوجهين إلي المدينة لنفس الغاية ، وقد استغربوا أمر ذهابهم للمدينة لأن كل واحد منهم يعتبر الاثنين الآخرين من ألد أعداء المسلمين .
وصل الثلاثة المدينة في الحادي والثلاثين من أيار " أغسطس " عام تسع وعشرون وستمائة و ذهبوا إلي منزل النبي ، ودخل خالد أولا و أسلم ثم تبعه عمرو و عثمان و قد رحب بهم النبي و صفح عن عداواتهم السابقة للإسلام .
كان خالد بن الوليد وعمرو بن العاص من ألمع عقلين عسكريين في زمانهما ، ودخولهما الإسلام حقق النصر للمسلمين في السنوات التالية .
ب - القسم الثانى
معارك خالد بن الوليد قبل إسلامه والدروس المستفادة منها
( 1 ) غزوة أحد"خريطة 1,2"
(أ) ماذا بعد بدر
لقد عاشت قريش فرحة لم تتم وهذة الفرحة التى كان سببها نجاة قافلة أبي سفيان الكبيرة والتى كانت فى خطر كبير بسبب قرار المسلمين أن يهاجموها ولكن بفضل مهارة أبى سفيان وقيادته نجت القافلة من الوقوع فى الأسر ،وقد حققت القافلة ربحا مضاعفا.
لم تتم هذة الفرحة وذلك بسبب عودة جيشهم من بدر يجر أذيال الخيبة والفشل ،وذلك الجيش الذي إندفع إستجابة لطلب النجدة منأبى سفيان عندما علم بنية المسلمين فى مهاجمته، وقبل أن يصل جيش قريش إلي مكان الإشتباك ، إستطاع أبو سفيان أن ينقذ القافلة ،وأرسل رسالة إلى قريش ليعودوا إلى مكة ، لكن أباجهل قائد الجيش أمرأن يقيموا حتى تسمع به العرب وعند ئذ تورط فى معركة مع المسلمين ،وخرج المشركون من هذة المعركة بهزيمة منكرة وكان ذلك فى أذار عام ستمائة و أربعة وعشرون للميلاد.
كانت معركة بدر نصرا مؤزرا للمسلمين حيث قتل من المشركين سبعين فردا ، وأسر سبعون أخرون ، و كان من بين قتلى المشركين سبعة عشر قتيلا من بنى مخزوم و كان معظمهم من أبناء عم و أبناء شقيقان خالد بن الوليد كما قتل أبو جهل و أسر الوليد شقيق خالد ، وكان أبرز أبطال المسلمين فى المعركة هم على بن أبى طالب ، حمزة بن عبد المطلب .
(ب) الأسباب الرئيسيه لمعركة أحد .
إن اهم أسباب المعركة هو رغبة المشركين فى الثاْر من المسلمين و النيل منهم لما حدث فى معركة بدر ، و السبب الثانى هو محاولة إعادة هيبة قريش بين قبائل الجزيرة العربيه ، و السبب الثالث هو محاولة تحقيق رغبتهم فى القضاء على ذلك الدين الجديد ، و السبب الرابع هو تهديد مسار تجارة قريش الدائم من قبل المسلمين .
(ج) إعداد القرشيين للمعركة .
قررت قريش أن تقوم بعمل عسكرى و حاسم ضد المسلمين و ذلك للأسباب السابقه و قامت باﻹعداد لهذا العمل العسكرى كالأتى :-
1* تخصيص ربح القافلة التى نجت من المسلمين فى بدر كله لﻺعداد للحمله .
2* التفاوض مع القبائل المجاورة و العمل على حشدها ضد المسلمين و لذلك أخذت الاعدادات تأتى من كنانه وثقيف .
3* وضع الجيش تحت قيادة أبى سفيان قائد القافله الناجيه و وضع الفرسان تحت قيادة خالد
بن الوليد .
و بذلك تم لقريش مرادهم فقد تجمع لديهم جيش قوامه ثﻼثه ألالف مقاتل بينهم سبعمائه درع و كان معهم ثلاثه ألالف بعير و مائتان فرس كما أصطحبوا معهم خمسة عشر إمرأه و ذلك لرفع معنوياتهم و تذكيرهم بقتلاهم يوم بدر ، و عندما تم لهم مرادهم بدؤا بالمسير الى أحد و وصلوا الى قرب المدينه و عسكروا على بعد بضعة أميال عنها فى منطقه تكثر فيها الأشجار تسمى السبخة .
(د) علم النبى بالحمله و إعداده لها .
1* فى أثناء إعداد القرشيين للحمله وصلت رساله الى النبى من عمه العباس يخبره فيها بما أعدد له قريش و عند وصلولهم الى معسكرهم أرسل النبى كشافين لرصد القرشيين ، وقد عاد الكشافان و أعطيا تقريرا عن القوة الحقيقيه لهم .
2*كان النبى صلى الله عليه وسلم يريد أن ينتظر المشركين حتى يقاتلوه فى المدينه و بالتالى يختار هو أرض المعركة ولكن نزولا على رغبة أصحابه خرج النبي لملاقاتهم خارج المدينة ، ولذلك غادر النبي المدينة ومعه ألف رجل ومعهم مائة درع ولم يكن معهم سوى فرسين وكان هذا القرار خطيرا حيث كانت قريش لديها تفوق ساحق فى القوات والذي يقارب عشرة إلى ثلاثة من جانب قريش.
3*أثناء المسير حدث ما لم يكن فى الحسبان إذا أخذ عبد الله بن أبي كبير المنافقين ثلاثمائة رجل وتركوا الجيش بحجه أن قتال القرشيين خارج المدينة لن يكتب له النجاح وبذلك أصبح عدد المسلمين سبعمائة رجل.
4*سار النبي صلى الله علية وسلم لا يمر على طريق بمعسكرات العدو وذلك خلال مرة بنى حارثة ومزارعهم متجها شمالا نحو جبل أحد تاركه جيش قريش عن يساره غربا ووصل جيش المسلمين مستندا بمؤخرته على جبل أحد المطل على وادى قناة حيث عسكر جيش قريش وتمركز جيش المسلمين مستندا بمؤخرته على جبل أحد ومواجها المدينة ، وبذلك أصبح جيش قريش بين المدينة وجيش المسلمين وبذلك تم للنبى ما أراد حيث اختار هو أرض المعركة .
(هـ) طبيعة أرض المعركة
إن أحد عبارة عن هضبة طبيعية كبيرة تقع شمال المدينة على مسافة أربعة أميال ،وترتفع إلى علو ألف قدم عن مستوى السهل المحيط بها ،ويبلغ طولها خمسة أميال ،وفى الجزء الغربىمن أحد يوجد بروز كبير يهبط بإنحدار شديد نحو السهل كما يوجد إلى يمين هذا البروز واد يرنفع بشكل طفيف ويضيق وهويبتعد حتى يصل إلى مضيق يبعد ألف متر عن نهاية البروز،وكان بجوار الهضبة تل صغير يبلغ إرتفاعه أربعون قدما ويسمى تل عينيين والذى سمىفيها بعد بجبل الرماة.
(و) خطة المسلمين لخوض المعركة:
1*حيث أنه كانت ظهر جيش المسلمين لجبل أحد وكانت ميمنتهم مؤمنة لكن ميسرتهم كانت غير مؤمنة حيث كان الألتفاف حولها من وراء تل عينيين ولذلك وضع النبى مفرزة مكونا من خمسين راميا على هذا التل وذلك لمنع المشركين من تطويق جيش المسلمين وأوصى النبى الرماة بالأتى :-
"إنضحوا الخيل بالنبل ،لا يأتونا من خلفنا"
"إحموا ظهورنا لا يأتونا من خلفنا وارشقهوم بالنبل فإن الخيل لا تقدم على النبل ،إنا لا نزال غالبين ما ثبتم مكانكم على الجبل"
"إن رأيتمونا تتخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم وإن رأيتمونا ظهرنا على القوم ووطاناهم فلا تبرحوا حتى إرسل إليكم نفرا ،إن رأيتمونا غنمنا فلا تشاركونا،وإن رأيتمونا نقتل لا تعينونا ولا تدافعون عنا"
وبتلك الأوامر الدقيقة إطمان الرسول صلى الله عليه وسلم من حماية ميسرته.
2* نظم النبى السلمين فى تشكيل متلائم تبلغ جبهته ألف ياردة ونظم قواته فى صفوف كما خصص كتيبة قوية بقيادة الزبير بن العوام لمواجهة فرسان خالد بن الوليد و ذلك بالتعاون مع الرماه .
3* ترتيب قوات المسلمين يهدف الدخول فى معركة جبهيه موضعيه مما أدى الى إستثمار المسلمين قواتهم و هى الشجاعة و المهارة فى القتال ، و بذلك أحبط النبى صلى الله عليه وسلم خطة أبى سفيان لخوض المعركة فى أرض مفتوحة يستطيع فبها المناوره بقواته ضد مجنبات المسلمين و مؤخرتهم بواسطة الخياله و الذى أدى الى قتالهم فى جبه محدده لا يستفيد فيها بتفوقه العددى .
4* اعتمدت خطة المسلمين على إتخاذ موقف الدفاع و صد ضربات العدو القوية مع تكبيده أكبر خسائر ممكنه ، و خاصه بواسطة سهام الرماه ثم التحول الى الهجوم عندما تضعف ضربات العدو.
(ز) خطة قريش لخوض المعركه .
1* رتب أبو سفيان جيشه بحيث يتكون من قوة رئيسيه من المشاه فى الوسط و من جناحين متحركين .
2* وضع خالد بن الوليد على الجناح اليمين ، ووضع عكرمه غلى الجناح الأيسر .
3* عزز الجناحان كل بسريه من الخياله قوامها مائة محارب و عين عمرو بن العاص مسؤولا عن جميع الخياله كما كان مسئولا عن التنسيق بين قوى الجيش المختلفة .
4* وضع مائه نبال على رأس الصف الأمامى من أجل اﻹشتباكات الولى و بذلك أعد أبو سفيان للمعركة على أساس توجيه ضربه قوية بالمواجهه للمسلمين .
(ح) سير الأعمال القتاليه .
1* المرحلة الأولى .
بدأت المعركه برشق النبال من الجانبيين و كان هذا االإجراء بمثابة مبارزة فى المدفعية بين نبالة قريش ونبالة المشلمين ،وفى هذة المرحلة تقدم حالد تحت تغطية النبالة على رأس سريته لمهاجمة الجناح الأيسر للمسلمين ولكنه أجبر على التراجع بسبب الرمايات للنبالة المسلمين الدقيقة وتكررت تلك العملية من خالد ثلاث مرات ولكنها بادت بالفشل فى كل مرة.
2* المرحلة الثانية :
بدأت تلك المرحلة بمبارزات بين أبطال الجيشيين ،فخرج طلة حامل راية قريش من الصف الأمامي وطلب البارزة فخرج إليه على رضى الله عنه وهزمه كما خرج أبوسفيان للمبارزة فخرج إليه حنظلة بن أبي عامر وأنتصر عليه وقبل أن يقتله طلب أبو سفيان النجدة فجاء أحد رجاله وأشتبك فى مبارزة مع حنظلة فقتله حنظلة وبعد تلك المبارزات بدأت قريش فىالهجوم وعم القتال وإلتحم الجشيان ،وكان المسلمون يتفوقون بالشجاعة و بإستخدام السيف لكن هذا التفوق لم يبد أثرا بسبب تفوق قر يش العددي ،وعندما إشتد القتال ،حاول خالد مهاجمة جناح المسلمين الأيسر مرة أخرى ولم ينجح أيضا بسبب نبالة المسلمين على الجبل .
3* المرحلة الثالثة:
بعد فشل هجمات المشركين بدات قواتهم فى الأرتداد والتقهقر وعند ذلك اصدر الرسول صلي الله علية وسلم أوامره بالهجوم المضاد مركزا مجهوده الرئيسي ضد قوات المشركين حول لوائهم ،وذلك لأن الاطاحة باللواء تحسم المعركة وتعجل بالنصر، وتساقط حاملى اللواء واحد تلو الأخر حتى حملها عبد لبنى عبد الدار ثم قتل هو الأخر وعندئذ سقطت الراية، و عندئذ بدات تتهاوى قوات المشركين ، و بدأ الذعر يصيب قواتهم و أخذت تلك القوات فى الفرار ، وإختل تشكيل قتالها ، و عند ذلك دخل المسلمون معسكرهم و بدؤا فى جمع الغنائم .
فى هذه المرحله حدث ما لم يكن فى الحسبان ، وذلك أنه عندما رأى النباله المسلمين الموجودين فوق تل عينين نصر المسلمين إندفعوا الى أرض المعركة لجمع الغنائم ، و ذلك بالرغم من رفض قائدهم عبد الله بن جبير ذلك إطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، و بذلك ترك معطم النباله الجبل و نزلوا الى ساحة القتال و كانت الكارثه !
4* المرحله الرابعه :-
عندما كان المسلمون يطاردون القرشيين و يدخلون مخيمهم ، كان جناحا المشركين المتحركان يقفان بثبات ، و تحرك خالد بن الوليد و عكرمه الى الوراء قليلا من مواقعهما السابقه ، لكنهما كانا مسيطرين على الموقف ، و لم يسمحا لرجالهما بالتراجع ، و ظل خالد بن الوليد حائرا ماذا يفعل لصد المسلمين ، و تحلى بالصبر بدرجه كبيره .
# دور خالد بن الوليد فى هذه المرحله :-
إنتظر خالد بن الوليد فرصه مواتيه ، و سرعان ما جاءت تلك الفرصه ، إذ إنه عندما رأى النباله المسلمين يتركون مواقعهم ، إنتظر حتى وصلوا الى أرض المعركه ، و عندئذ بدا خالد بن الوليد ضربته ، و ذلك يشن هجوما على بقية النباله الذين لم يتركوا الجبل بهدف اﻹستيلاء على مواقعهم حتى يستطيع القيام بالمناورة و قام خالد بن الوليد بالقضاء على النباله الذين قاتلوا ببساله و فى تلك الأثناء جاءت سرية عكرمه أيضا لمشاركه مع سرية خالد ز
بعد القضاء على النباله قام خالد بن الوليد و مجموعته بشن هجوم على المسلمين من الخلف ، و كان خالد واثق من النصر و أنه سيدمر المسلمين إذ أنه فاجاْهم ، و أدى ذلك بالفعل الى حدوث بلبه شديده فى صفوف المسلمين .
# عودة المشركين الى القتال
فى تلك الأثناء رأت إحدى النساء الذين كانوا مع قريش ما فعله خالد بن الوليد فقامت بأخذ رايه المشركين و رفعها و عند ذلك رأتها القوة الرئيسيه أو مشاة جيش المشركين ، و استطاع أبو سفيان السيطرة على المشاة عندما رأى الخياله و تحركها ، أعاد رجاله للقتال ، و عند ذلك وضع المسلمون بين شقى الرحى ، مشاة المشركين من الأمام و فرسانهم من الخلف .
5* المرحلة الخامسة .
تغير الموقف تماما فى المعركة ، و بدأ تشكيل المسلمين يختل و فقدوا توازنهم و عمت الفوضى و عندئذ إنقسم جيش المسلمين الى ثلاثة أجزاء كالاتى :
* الأول :- جزء بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم و كان معه ثلاثون رجلا و أمرأتين رفضواأن ينساقوا لاغراء جمع الغنائم .
* الثانى :- جزء لم يتمكن المشركين من تطويقهم و كان عددهم ما يقرب من مائتى رجل .
* الثالث :- القوة الرئيسيه لجيش المسلمين و التى كانت محاصره و ظلت تقاتل بعنف ضد المشركين و فى وسطهم بدأت ترتفع الخسائر و لكنهم قاتلوا ببساله.
فى هذه المرحله أدرك النبى صلى الله عليه وسلم خطورة الموقف حيث ام يستطيع السيطره على القوة الرئيسيه لبعدها عنه و عرف أن موقعه ليس محمى ، و لذلك قرر التحرك الى سطح البروز الكائن خلفه و عندما قطع مسافه ربع ميل فى طريقه الى البروز ، قطع عكرمه و رجاله الطريق عليه ، و هنا قرر النبى صلى الله عليه وسلم الوقوف و القتال حيث وصل ، و شكل الرجال الذين كانوا مع النبى صلى الله عليه وسلم سياجا حوله و بدأ القتال يشتد ، و قاتل كل واحد منهم ثلاث او أربع رجالمن المشركين و ظلوا صامدين أمام المشركين .
6* المرحلة السادسة .
* لقد أصيب النبى صلى الله عليه وسلم فى هذه المعركة و قد وخضب وجه الشريف بالدماء و لقد ابتلى المسلمين فى هذه المعركه بلاءا شديدا ، و اشتد القتال حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ومن خلال الهجمات المتتاليه للمشركين أجهدوا و أصابهم التعب . كما أن إغراء السلب و النهب كان قويا من قبل المشركين كما كان من قبل بالنسبه للمسلمين فتوقف القتال لفتره قصيره .
فى هذه الفتره تجمع عدد كبير من المسلمين حول النبى صلى الله عليه وسلم و قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم اﻹرتداد بهم الى مواقع حصينه فى جبل أحد ، و رأى خالد بن الوليد تحرك النبى صلى الله عليه وسلم نحو المضيق الجبلى لكنه لم يحاول إعتراضهم ، و ذلك لأنه كان مشغولا بمطاردة القوة الرئيسية لمشاة المسلمين ،وهكذا لم يجد النبى صلى الله عليه وسلم صعوببة فى الوصول إلى المضيق ،وكان وقت سابق قد أشيع قتل النبى صلىالله عليه وسلم ولكن عندما وصل إلى المضيق رأه أحد المسلمين وهو كعب بن مالك وكان قوى الصوت فصاح بأعلى صوته "يا معشر المسلممين أبشروا هذا رسول الله " وأشار بيده نحو النبى وأدى ذلك إلى أن تحركت مجموعات كبيرة من المسلمين نحو التلال وانضمت إلىالنبى .
* لما رأت قريش أان تسعين بالمائة من جيش المسلمين قد نجح فى الإنسحاب والتحصن بالجبل ،دفعت بمفرزة قوية بقيادة خالد بن الوليد للقضاء عليهم ولكن الهجوم فشل فشلا ذرعا وتكبدت قريش فيه خسائر فادحة ،وهنا أدرك خالد أن الهجوم فاشلا ليس بسبب وجود المسلمين بأرض مرتفعة فقط ، ولكن لأن فرسانه لم يتمكنوا من المناورة فى هذة االأرض الصعبة ،وأنسحب خالد وكامت هذةأخر مناورة تكتيكية لخالد فى معركة أحد.
7*إنتهاء المعركة :
بعد المناورة الأخيرو للمشركين قرروا ترك ميدان المعركة وتجمعوا فى معسكرهم القديم ، وعندما بدؤا بمغادرة أرض المعركة بعث النبى صلى الله عليه وسلم دورية إستطلاع بقيادة على بن أبى طالب لمعرفة نواياهم وماذا يريدون وقال له "أخرج فى أاثار اللقوم فانظر ماذا يصنعون وماذا يريدون ،وإن كانو قد جنبوا الخيل وركبوا الأبل فإنهم يريدون مكة ، وإن ركبوا الخيل وساقوا الأبل فإنهم يريدون المدينة ، والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن أليهم فيها ثم لأنا جزيهم" فخرج على رضى الله عنه فى أثارهم فوجدهم ركبوا الإبل وامتطوا الخيل وساروا إلى مكة ، وعند ذلك بدأالمسلمون فى التحرك صوب المدينة بعد أن إطمأنوا إلى أن قريش قررت اللعودة إلى مكة.
(ط) نتائج المعركة:-
* سقوط سبعون مسلما قتلى فى هذة المعركة
* قتل فى هذه المعركة اثنان وعشرون مشركا
* أدى انتصار قريش فى المعركة إلى التأثير على كيان المسلمين فى المدينة فبدأ اليهود والمنافقون يفكرون فى إنتهاز الفرصة وضرب قاعدة المسلمين من الداخل .
(ى)الدروس المستفادةمن غزوة أحد :-
1* إن الاستخدام الجيد للأرض والأستفادة مما قد توفره بعض التضاريس من مميزات تكتيكيه بعد عاملا رئيسيا فى كسب المعركة و بعد إختيار الرسول صلى الله عليه وسلم لجبل عينين مكانا للرماه مثلا رائعا لحسن استخدام الأرض و ذلك لنا يتميز به هذا الجبل من إشراف جيد على ميدان المعركة و تامينه لمؤخرة جيش المسلمين .
2* أهمية الضبط و الربط فى نجاح المعركة ، والضبط والربط معناهما الصحيح هو حسن فهم أسباب هزيمة المسلمين فى أحد هو مخالفة مفرزة الرماه لتعليمات القائد و أوامره فتركوا مكانهم فى جبل عينين و انكشف أجناب و مؤخرة جيش المسلمين ووجد خالد بن
الوليد ثغره نفذ منها الى مؤخرتهم مما أدى الى هزيمتهم .
3* المبادرة و أتخاذ القرار المناسب تبعا للمواقف الطارئه، وهذا ما فعله خالد بن الوليد ياتخاذه القرار المناسب فى استغلال ترك الرماه لاماكنهم والتف بفرسانه و هاجم مؤخرة المسلمين, ومن ذلك أيضا قرار النبى صلى الله عليه وسلم فى الأرتداد بمن معه من جند الى شعب جبل أحد كموقع حصين يقى به ظهر قواته و أجنابها .
4* المفاجئة عامل رئيس فى كسب المعركة فلقد كان هجوم خالد على مؤخرة المسلمين بعد مناورته البارعة و هذه من أمثلة المفاجأة التكتيكيه كما أن خروج النبى صلى الله عليه وسلم على رأس مفرزة لمطاردة جيش قريش بعد الهزيمه تحقيق لمبدأ المفاجاه التعبويه .
5* الروح المعنوية العالية عامل مهم فى تحويل الهزيمه الى نصر فما حدث فى معركة أحد لجيش المسلمين كان كافيا لتحطيمه و القضاء عليه لو لا ما يتسم به المقاتل المسلم من إيمان و روح معنويه عاليه .
(2) غزوة الخندق"خريطة 3"
( أ ) خطه يهود خيبر للقضاء علي المسلمين
1* بعد معركة احد اخذ النبي صلي الله عليه وسلم في توطيد دعائم الامن والاستقرار للأمن المسلمين السياسي داخل المدينه , وكان قد اخرج يهود بني النضير ويهود قينقاع من المدينه بعد ان خانوا العهود والمواثيق التي كانت بينهم وبين المسلمين ولم يبق في المدينه من طوائف اليهود الثلاث سوى يهود بني قريظه الذين عاشوا في سلام وهدوء مع المسلمين
2* كان ابو سفيان قد إتفق مع النبي أن يتلاقوا بعد عام في بدر مره أخرى ولكن هذه المعركة لم تتم بسبب خوف القرشيين من المعركة واشتداد الحرارة في هذا العام وكان بنو قريظه ينتظرون هذه الحمله بفارغ الصبر لرغبتهم في القضاء علي المسلمين , وعندما لم تتم قرروا ان يقوموا بعمل مباشر لتأليب القرشيين ومحاربتهم 0
3* بعد انتهاء صيف عام 626م ذهب وفد من يهود خيبر إلي مكة بزعامة حيي بن أخطب وهو الذي كان زعيم بني النضير في المدينة وذلك للتفاوض مع أبي سفيان حتي يثير قلقة ومخاوفه من الخطر الذي سيواجهه القرشيون نتيجة انتشار الإسلام في الجزيرة العربية, وإذا وصل المسلمون لليمامة فإن طرق تجارة قريش الى العراق والبحرين سوف تغلق ووافق أبو سفيان علي قتال المسلمين إذا انضمت إليهم قبائل عربيه أخري 0
4* ذهب نفس الوفد إلي قبائل غطفان وبني أسد وتفاوضوا معهم أيضا ونجحوا في تأليبهم وقبائل أخري علي المسلمين وذلك للاشتراك في حمله كبيرة ضد المسلمين للقضاء عليهم 0