هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 دروس في مادة الفلسفة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Zakk-Wylde
عضو مميز
عضو مميز
avatar


مسآهمـآتي? : 995
تاريخ التسجيل : 10/12/2006

حوافز لوحات
نقاط التميز نقاط التميز: 656
الاوسمة الاوسمة: 2
دروس في مادة الفلسفة Empty
مُساهمةموضوع: دروس في مادة الفلسفة   دروس في مادة الفلسفة Icon_minitimeالأحد 02 نوفمبر 2008, 06:51

الفلسفة الحديثة: بين ديكارت وكانط

قامت الفلسفة الحديثة على تأسيس تصورات جديدة مخالفة للتوجه الذي سارت عليه الفلسفة اليونانية ولا الفلسفة الإسلامية، وقد ساهم في ميلاد هذا النوع الجديد من التفكير الفلسفي، النهضة التي عرفتها أوربا، وارتفاع الدعوات التحررية من سلطة الكنيسة، مع أهمية استعمال العقل وتحقيق الأنوار. وقد خلفت هذه الثورة الفكرية الجديدة فلاسفة أنداد، ساهموا في بناء منهج يستند إلى مجموعة من القواعد العقلية (المنطقية والرياضية) تمكن الفلسفة، كعلم كلي، من اكتشاف معرفة يقينية لا يطالها الشك. ومن ابرز رواد الفلسفة الحديثة نذكر مثلا:
رينيه ديكارت الذي يعد بحق أبو الفلسفة الحديثة، لأنه أول من استعمل العقل. عرفت فلسفته بعملية الشك المنهجي التي قام بها من أجل الوصول إلى اليقين.
فالعقل عنده يستند إلى الوضوح واليقين في تحصيل معارفه، وقد ارجع هذا التحصيل إلى إخضاع العقل إلى قواعد المنهج العملية التي يجب إتباعها لإقامة العلم اليقيني، وهي:
قاعدة الوضوح والتمييز: أن لا أقبل من الأفكار إلا ما كان واضحا بديهيا لا يطاله الشك.
قاعدة التقسيم: تقسيم المشكلة إلى وحدات بسيطة صغرى
قاعدة التنظيم والتركيب: تنظيم وحدات المشكلة المقسمة والبدء بأبسط الموضوعات وأسهلها معرفة والتدرج إلى معرفة أكثر الموضوعات تركيبا.
قاعدة الإحصاء والمراجعة: القيام بإحصاءات شاملة سواء في الفحص على الحدود الوسطى للمشكلة أو في استعراض عناصرها بحيث أتحقق أني لم أغفل شيئا.
إن الاعتماد على قواعد المنهج حسب ديكارت يولد حقائق يقينية على عكس عامة الناس التي تكون أغلب حقائقهم ظنية يشوبها الشك والارتياب.
أما كانط: فقد نهج موقفا فلسفيا نقديا، يوفق فيه بين المذهب العقلاني والمذهب التجريبي، هذا المشروع التوفيقي يستهدف الوقوف عند مؤهلات وقدرات العقل الإنساني في بناء المعارف، فالمعرفة العقلية عنده عبارة عن حدوس حسية مرتبطة بالتجربة وبمقولتي الزمان والمكان، و الفهم هو الذي يحول تلك الانطباعات والمدركات المستوحاة من الحس من أجل جمع شتاتها و تنظيمها بواسطة مقولات قبلية تعمل على تحويل معطيات التجربة الحسية وتحويلها على معرفة، ومن أبرز هذه المقولات، مقولة السببية.، يقول كانط:"الحدوس الحسية بدون مفاهيم تظل عمياء، والمفاهيم بدون حواس تظل جوفاء" فالعقل هو الذي يضفي المعقولية على المدركات الحسية وينظمها ويحولها إلى معرفة. أما القضايا التي تتجاوز معطيات التجربة فلا يمكن للعقل الإنساني أن يفكر فيها لأنها تتجاوزه كممارسة، إنها تنخرط ضمن المجال العملي كقضايا وجود الله وخلود النفس والحرية والعدالة الإنسانية... إنها مجال الإيمان.
إذن العقل عند كانط هو ملكة في المعرفة تتكون من ثلاث قدرات هي : الحساسية والفهم والعقل الخالص.
وبالتالي فالفلسفة الحديثة اهتمت بضرورة تأسيس طريقة جديدة تقوم على قواعد محددة لقيادة العقل وتعتمد على آليات لبناء المعرفة
من أبرز فلاسفة هذه الفترة: ديكارت، جون لوك، دافيد هيوم، إيمانويل كانط، هوبز، اسبينوزا، هيجل....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Zakk-Wylde
عضو مميز
عضو مميز
avatar


مسآهمـآتي? : 995
تاريخ التسجيل : 10/12/2006

حوافز لوحات
نقاط التميز نقاط التميز: 656
الاوسمة الاوسمة: 2
دروس في مادة الفلسفة Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس في مادة الفلسفة   دروس في مادة الفلسفة Icon_minitimeالأحد 02 نوفمبر 2008, 06:52

الطبيعة والثقافة



مدخل:

إن الحديث عن الطبيعة والثقافة يقودان إلى أهمية الكشف عن الروابط والفوارق التي تحدثها العلاقة بين المفهومين، وذلك عبر الوقوف عند حدود كل مفهوم.
فما المقصود بالطبيعة؟ وما المقصود بالثقافة؟ وما الحدود الفاصلة بينهما؟ وأين تنتهي الطبيعة ومن أين تبدأ الثقافة؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة التمهيدية سيقودنا إلى الحديث عن علاقة الإنسان بالطبيعة بمعنى كون الإنسان ينتمي إليها، وأيضا الحديث عن علاقته بالثقافة، بمعنى كون الإنسان كائن ثقافي ومنتج للثقافة، وهو ما يدفعنا إلى طرح أسئلة أخرى من قبيل:
بم تتميز الطبيعة الإنسانية عن الطبيعة بمعناها العام، وما شكل العلاقة بين الإنسان والطبيعة؟ ومن أين يستمد الإنسان القدرة على إنتاج الثقافة وتجاوز الطبيعة؟

التمييز بين الطبيعة والثقافة

مفهوما الطبيعة والثقافة:
مفهوم الطبيعة:
يستعمل لفظ " الطبيعة" لوصف مجموعة من الموجودات المادية كالجبال والحقول والأشجار والأنهار والوديان...، كما يطلق لوصف المزاج والسلوك الإنساني كأن نقول :"هذا شخص طبيعي"، أو لوصف شيء معين كقولنا : " هذه مادة طبيعة، أو منتوج طبيعي"
غير ان مفهوم الطبيعة يحمل معنى الفطرة في اللسان العربي، وكذا السجية والطباع التي يزاولها الفرد...
وفي المصطلح الفرنسي مشتق من كلمة Physis الإغريقية و Natura اللاتينية، وهي بمعنى القدرة على النمو الكامنة في كل الأشياء أي القوة الحاضرة فيها، وهي قدرة يجد الإنسان نفسه بداخلها دوما، مثل السماء والأرض والكواكب والنجوم، لأنها كلها ضمن الطبيعة، غير أن هذا المفهوم سيتم تناوله بمعنى آخر خاصة مع أفلاطون وأرسطو وهو أن الطبيعة شيء ما هو فكرته أو شكله، وكل ماهيته أي جوهره وكنهه. يقال عنها طبيعته والطبيعة الأولى هي الماهية.
عموما الطبيعة هي كل ما لم تتدخل فيه الفاعلية الإنسانية، ويبقى على حاله الأول قد يكون خارجيا ( فيزيائيا ) أو داخليا ( بيولوجيا)، مما يدل على وجود عالمين هما العالم المادي، والعالم الإنساني.
الثقافة: هناك تعدد في تعارف مفهوم الثقافة، لكنها جميعها تتفق عامة في القول بان الثقافة تعلم وبأنها تسمح للإنسان بالتكيف مع وسطه الطبيعي ... وأنها تتجسد في المؤسسات وفي طرق التفكير و في الأشياء العادية.
الثقافة حسب تايلور :
هي ذلك الكل المركب الذي يشمل المعارف والمعتقدات والفن والأخلاق والقوانين والتقاليد وكل الأعراف الأخرى والعادات المكتسبة من طرف الإنسان باعتباره عضوا في مجتمع.
إذن الثقافة هي أساليب السلوك التي تتصف بأنها تكتسب عن طريق التعلم والتلقين. لكن كيف نميز بين السلوك الإنساني الطبيعي والثقافي؟
يتناول " بيلز" الباحث الانثربولوجي مسألة الطبيعة والثقافة، محاولا رصد بعض أنواع السلوك عند الإنسان التي يشترك فيها مع بعض الأنواع الأخرى، وكذا الفروق بينهما مبرزا انه رغم انتماء الإنسان بيولوجيا إلى العالم المادي " عالم الطبيعة" إلا أنه استطاع أن يخلق لنفسه أنماط جديدة من السلوك التي تتصف بأنها تكتسب عن طريق التعلم والتلقين، هذه السلوكات المتنوعة ( طريق الأكل مثلا) هي مظهر من مظاهر الثقافة تميز بين السلوك الحيواني النمطي الثابت والسلوك الإنساني المتجدد والمكتسب.
فإذا كان مفهوم الطبيعة يحمل بعدا بيولوجيا ومفهوم الثقافة يشير إلى كل ما هو مكتسب ومتعلم، فإن كلود ليفي ستراوس حاول الوقوف عند مسألة التمييز بين حالتي الطبيعة والثقافة.
فحالة الطبيعة هي كل ما يوجد في الإنسان بحكم الإرث البيولوجي، أو من حيث الخصائص الفطرية التي تولد مع الإنسان مثل الغرائز الجنسية والعدوانية التي توجد لدى جميع الكائنات الأخرى أيضا.
إن الإنسان في هذه الحالة يحكمه قانون الغاب حيث الإنسان يكون ذئبا لأخيه الإنسان على حد تعبير " طوماس هوبز" فحالة الطبيعة هي حالة صراع وعنف وجور، وهذا معيار كوني حسب ليفي ستراوس.
أما حالة الثقافة فهي مجموع المعارف وأنماط العيش والتقاليد والمعتقدات التي لا تدخل في طبيعة الإنسان الأولى، وغنما اكتسبها نتيجة الاجتماع والتواصل، إنها مختلف الخبرات والمعارف التي يكتسبها الإنسان بغية السيطرة على الطبيعة، وهذا ما يسميه ليفي ستراوس بمعيار القاعدة.
إذن هل يمكن الفصل بين الطبيعة والثقافة؟ حسب ستراوس لا يمكن التمييز نظرا لوجود تداخل قوي بينهما، وتمفصلهما يقتضي التمييز بين الحالتين لرصد السلوكات الإنسانية خلالهما مع الإشارة أن الإنسان حتى وإن كان في حالة الثقافة ( العالم الإنساني)، قد تصدر منه مجموعة من السلوكات الجنسية أو العدوانية التي ترده مباشرة إلى حالة الطبيعة (العالم المادي) التي يشترك فيها مع الحيوان.
أمثلة تحيل إلى الطبيعية: النوم – الصراخ- الأكل- التوالد- العدوان- المشي...
أمثلة تحيل على الثقافة : الفن – اللغة- الطبخ- الفروسية- القانون- العرف- العادات- اللباس- الوشم ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Zakk-Wylde
عضو مميز
عضو مميز
avatar


مسآهمـآتي? : 995
تاريخ التسجيل : 10/12/2006

حوافز لوحات
نقاط التميز نقاط التميز: 656
الاوسمة الاوسمة: 2
دروس في مادة الفلسفة Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس في مادة الفلسفة   دروس في مادة الفلسفة Icon_minitimeالأحد 02 نوفمبر 2008, 06:53

الإنسان كائن ثقافي
اقتباس:

إن التحديد الذي اوليناه لمفهوم الثقافة تحديد متعلق بالإنسان دون سواه من الكائنات الاخرى، غير ان هذا التحديد يحيلنا على مجموعة من التساؤلات من قبيل:
ما هي الاسباب التي تدفعنا إلى تعريف الإنسان ككائن ثقافي؟
ما هي مظاهر الثقافة وتجلياتها عند الإنسان؟

للإجابة على كل هذه الاسئلة، نعثر على ليفي ستراوس لا يقدم الإنسان باعتباره صانعا، فالصناعة ليست علامة مميزة للثقافة، بل ما يجعل الإنسان إنسانا وينتمي إلى عالم الثقافة هو قدرته على التواصل اللغوي اللساني مع أفراد مجموعته البشرية، وبهذا فاللغة هذ الاداة الاساسية والوسيلة التي تميز الإنسان عن باقي الموجودات باعتباره كائن ثقافي.
وقد عملت الدراسات والأبحاث العلمية على إثبات أن اللغة موقوفة على الإنسان وحده دون غيره، وهذا يبرز من خلال الدراسات التي أجراها كارل فون فريش على خلية النحل ، إذ حاول بنفنست من خلالها المقارنة بين الإنسان والحيوان الخروج بمجموعة من الخواص وهي تميز اللغة الإنسانية من حيث الطبيعة والمقاصد عن التواصل الحيواني، فاللغة البشرية يتحكم فيها جهاز صوتي وعلى العكس نعثر على أن الرسالة عند النحل تعتمد كليا على الحركة من خلال الرقصة. فهذا التواصل الذي يحدث بين النحل ليس صوتي بل حركي مما يحتم ضرورة توفر الظروف المناسبة لإدراك محتوى الرسالة والمتمثل في توفر الرؤية التي لا يمكن أن تتم في الظلام، أما اللغة الإنسانية فهي لا تعرف هذا التضييق. وإذا ما انتبهنا إلى لغة الإنسان فهي تتحدد بوصفها لغة حوارية تعتمد على تبادل الرسائل اللغوية و الخوض في مواضيع متعددة، وعل العكس من هذا فالتواصل عند النحل يتعلق بالمحتوى الواحد وهو الغداء مع غياب الحوار بل هناك الاستجابة الفورية تجاه معطيات الرسالة التي تبدو غير قابلة للتحليل والتفكيك وإعادة التركيب، غير أن اللغة الإنسانية نجده تتفرد بمعطى التمفصل والتقطيع وإعادة التركيب.
إذن هناك فوارق واضحة بين اللغة الإنسانية والتواصل الحيواني الذي لا يرقى إلى مستوى اللغة عند الإنسان وبالتالي فكل لغة تواصل وليس كل تواصل لغة.
و يتجه أندري مارتينيه هو الآخر ومعه كلود ليفي ستراوس لتأكيد تفرد الإنسان بخاصية اللغة القابلة للتمفصل، غير أن هذا التمفصل الذي تتميز به جميع الألسن بدون استثناء يمكن تحديده من خلال ضربين:
التفصل الأول ومؤداه أنه بالمقدور تحليل اللغة وردها إلى وحدات دلالية صغرى لا تقبل أن تقطع وتجزأ إلى وحدات أصغر منها حاملة للدلالة والمعنى وهي تسمى بالمونيمات.
التمفصل الثاني مفاده أن اللغة الإنسانية قابلة لأن تحل إلى وحدات صوتية صغرى ليست حاملة للدلالة والمعنى ولا تقبل بدورها أن تحل إلى وحدات صوتية أصغر منها خالية من الدلالة والمنى وتكنى بالفونيمات.
وبالاعتماد على هذه الوحدات الصوتية يمكن إنشاء عدد لا متناه من التراكيب والخطابات عن طريق تجديد التركيب والتأليف وهو ما يحدد قيمة التمفصلين في ما لهما من اقتصاد لغوي للتعبير عن وقائع تجريبية غير متناهية.
إذن اللغة هي المظهر الثقافي الأكثر اكتمالا في مظاهر نظام الثقافة حسب ستراوس.
إلا ان مالينوفسكي يقترح اقتراحا آخر، مبرزا أن الإنسان كائن ثقافي لكونه يعيش في إطار مؤسسات تلبي حاجاته ورغباته وتتحكم فيها، فداخل المؤسسات يحقق الإنسان حاجاته المتنوعة على نحو منظم وهادف ، لأن هذه المؤسسات تقوم على قوانين وقواعد هي التي تحكم العلاقات الإنسانية داخلها، وتهدف إلى تنظيم سلوكات الأفراد والجماعة، وهي تأخذ طابعا إلزاميا وإكراهيا، فكل مؤسسة مهما كان حجمها يحكمها ميثاق على منواله تعمل وتشتغل، ومن ضمن هذه المؤسسات نذكر مثلا على سبيل المثال :
الأسرة، المدرسة، النادي، الجامعة، البنك، البرلمان ...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Zakk-Wylde
عضو مميز
عضو مميز
avatar


مسآهمـآتي? : 995
تاريخ التسجيل : 10/12/2006

حوافز لوحات
نقاط التميز نقاط التميز: 656
الاوسمة الاوسمة: 2
دروس في مادة الفلسفة Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس في مادة الفلسفة   دروس في مادة الفلسفة Icon_minitimeالأحد 02 نوفمبر 2008, 06:54

الطبيعة والنشاط الإنساني


اقتباس:
تتحدد علاقة الانسان بالطبيعة منذ البدء كعلاقة يتجادبها الانسجام والصراع، غير ان الطبيعة لما خلقت، فقد خلقت كفضاء يمد العون للانسان ويسهم في بقائه والحفاظ على نوعه شأنه في ذلك شأن باقي الكائنات، كما ان الطبيعة قدمت نفسها كمجال للراحة والاستمتاع بمشاهدها ومناظرها الخلابة المختلفة التي تثير الرهبة والاندهاش.
أمام هذا السيل الجارف من عطايا الطبيعة واستفادة الإنسان المتواصلة منها، ما شكل العلاقة التي أقامها الإنسان معها؟ هل هي علاقة توازن وانسجام أم هي علاقة استغلال وسيطرة؟
تقودنا الابحاث والدراسات في العلوم الإنسانية إلى رصد طبيعة العلاقة بين الإنسان والطبيعة كيف كان شكلها وكيف صارت حاليا، لهذا سنتتبع ملامح هذه العلاقة منذ البدء.
يقول جان جاك روسو : " لم يكن الإنسان يعرف غير الغريزة، فلم تخالجه رغبة سوى احتياجاته العضوية، ولم يتصور في الكون خيرا إلا الغداء، والجنس والراحة. ولم يتصور فيه شرا إلا الالم والجوع. وكان سعيدا ".
نلاحظ من خلال ما قاله روسو، ان العلاقة بين الطبيعة والانسان في المراحل الاولى من تاريخه، هي علاقة انسجام وتناغم وارتباط وثيق منتعش بسعادة عارمة وفائقة لا توصف. لقد كانت مصدر إلهام الإنسان ونبوغه الفكري التأملي، ويتجلى لنا ذلك في علاقة الفلاسفة بالطبيعة من خلال محاولاتهم الاولى تفسيرها كما هو الشأن عند الفلاسفة الطبيعيين الايونيين.
لقد ميز راسل بين مرحلتين في علاقة الانسان بالطبيعة.
المرحلة الاولى : تميزت بعلاقة حب وانجداب الإنسان إلى الطبيعة من خلال عمليات التأمل والاستمتاع التي حظي بها الإنسان اليوناني مثلا، فقد كانت الطبيعة ملهمة الفلاسفة، ومحركة يقظتهم الفكرية، فاقاموا معها علاقة حميمية غايتها البحث السعادة والتوافق، وليس الفلاسفة وحدهم من احسنوا التعامل مع الطبيعة فقد الهمت فيما بعد الشعراء والادباء وكانت مصدر إيحاء للتعبير عن الجمال والتغني به ايضا، واستعارة بهائها وإضفائه على الانسان.
المرحلة الثانية: وهي على خلاف المرحلة السابقة، تميزت بكونها أحدثت تحولا كبيرا في طبيعة هذه العلاقة، فبعد ان كانت الطبيعة مصدر تأمل ومعرفة وانسجام واحترام ومحبة، واستفادة من خيراتها وعطاءاتها، تغيرت النظرة إلى الطبيعة مع العلم الحديث خاصة مع ظهور الصناعة التي ستجعل الإنسان يتدخل في الطبيعة باعتبارها موضوعا لنشاطه وسيطرته، حيث سعى إلى تغييرها وتطويعها تلبية لطموحاته، فالأرض كشفت تربتها بوصفها مستودعا للمعادن، والحقول تغيرت وحجبتها بيوت بلاستيكية، والانهار بتدفقها واسترسالها توقف جريانها ببناء سدود عليها، وصارت مياهها كما هو الشأن لمياه البحر مخزنا للنفايات ومخلفات المعامل، وصفاء السماء وزرقتها تلبدت بدخان وغازات ملفوظة من مداخن المعامل والمصانع... فظهرت أمراض لم تكن معروفة من قبل، وبدأت أنواع حية من الانقراض، فتغلغل الموت في اجسامنا واتسعت دائرته لما تنامت اشكال القلق من آثار الاستنزاف والتلوث.
إن علاقة الانسان والطبيعة تحولت من علاقة إنسجام إلى علاقة مواجهة، فالإنسان يستغلها بواسطة صناعته المتطورة، والطبيعة راحت تهدد سلامته وكيانه من خلال تمردها على الانسان الذي لم يحسن علاقته معها، وافقدها توازنها، فكان لابد للعالم ان يشهد مثل ظاهرة المد البحري (تسونامي) والاعاصير الاستوائية والانهيارات الارضية والبراكين والزلازل والجراد ووباء الانفلونزا ....

إذن امام هذا المد الهائل من استغلال الطبيعة، هل تمكن الإنسان من تحقيق السعادة التي كان يعرفها من قبل؟
إن السعي نحو تطويع الطبيعة واكتشافها والتحكم في قوانينها من قبل الإنسان نتج عنه عدة مشكلات ساهمت في خلق جمعيات مدنية وحكومية تعمل جاهدة على الدفع بعلاقة الإنسان مع الطبيعة إلى التحسن و إعادتها إلى سابق عهدها، وقد تخلل ذلك إصدار تعهدات وإعلانات ومعاهدات دولية وإصدار قوانين لحماية البيئة والكف عن تدميرها.
وهكدا تولدت عند الإنسان رغبتان متباينتان، الاولى رغبة في الاستمتاع بجمال الطبيعة وإحداث علاقة حميمة معها، والثانية رغبة في السيادة على الطبيعة وتملكها واستغلال ثرواتها لمصلحته نتج عنه تخريب ودمار لهذه الطبيعة وإعلان لبداية موتها
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Zakk-Wylde
عضو مميز
عضو مميز
avatar


مسآهمـآتي? : 995
تاريخ التسجيل : 10/12/2006

حوافز لوحات
نقاط التميز نقاط التميز: 656
الاوسمة الاوسمة: 2
دروس في مادة الفلسفة Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس في مادة الفلسفة   دروس في مادة الفلسفة Icon_minitimeالأحد 02 نوفمبر 2008, 06:54

التنوع الثقافي



اقتباس:

إن التعدد الملاحظ على مستوى الثقافات الإنسانية، يعني أن الحضارة الإنسانية منقسمة ومتنوعة ومختلفة، وهذا لا يلغي وجود بعد ثقافي كوني يقوم على أساس التواصل والتعايش وإزالة الهوة بين الأفراد والجماعات والشعوب. إذن هل يمكن الحديث عن ثقافة كونية أم تعدد الثقافات واختلافها؟ كيف نفسر تعايش الثقافات رغم صراعها؟
يشير مفهوم التنوع الثقافي إلى اتسام الثقافة البشرية بسمة التنوع والاختلاف، فالحضارة الإنسانية منقسمة في فعاليات متنوعة تتمثل في تعدد المعتقدات وقواعد السلوك واللغة والدين والقانون والفنون والتقنية والعادات والتقاليد والأعراف والنظم الاقتصادية والسياسية. فكل مجتمع إذن يسعى جاهدا نحو الحفاظ على هويته وما يميزه ويعطيه خصوصيته واستقلاله عن باقي الثقافات الأخرى، ومن الواضح أن هذا المصطلح نشأ في سياق ثقافي معين اتسم بتنامي تعرض الكثير من الثقافات البشرية للتراجع والاضمحلال والإقصاء و أحيانا الزوال، في الوقت الذي بدأت فيه ثقافات معينة تنتشر بسرعة على حساب الثقافات المتراجعة و بدا أن بعضها بدأت تفرض هيمنتها على سائر ثقافات العالم على نحو يهدف إلى سيادة الثقافة والواحدة ومنحها طابع الكونية.
إن التشبت بالهوية والخصوصية والمحلية، لا يعني الانغلاق والتقوقع، فمعظم المجتمعات تعمل على الانفتاح على الثقافات الأخرى في إطار التعايش والتثاقف والإيمان بالحوار والحق في الاختلاف، إنها تدمج داخلها مجموع المعارف والتقنيات والأفكار والتقاليد وهذا لا يتحقق إلا عن طريق تواصل هذه المجتمعات وتعايشها مع بعضها البعض على أساس لا ينكر حق الشعوب والأقليات والأشخاص في التمتع بثقافتهم أو استعمال لغتهم أو التدين بدينهم والحفاظ على تراثهم... من هنا تنتفض ثقافة المجتمعات للدفاع عن نفسها وعن حقها في الوجود، لأن الهوية الثقافية تحفز كل شعب، وكل مجموعة بشرية، على استمداد التغذية الروحية من التراكمات المعرفية التي تؤسسها . من هنا كان شرط التعايش والاحترام أساس البيان الذي أصدرته اليونسكو سنة 1982، والرامي إلى أهمية الدفاع عن الهوية الثقافية لكل شعب، واحترام الأقليات الثقافية وكل ثقافات العالم.


وإذا ما ربطنا موضوعنا بالمغرب كمثال، فإننا نجده يتشكل من تنوع ثقافي واضح، هذا التنوع يذوب داخل روح اجتماعية واحدة أساسها التعايش والترابط المشترك والائتلاف، وينفي الإقصاء والتهميش، مما اكسب المغرب غنى ثقافيا متنوعا سواء أكان لغويا أو قبليا أو دينيا.

إن السعي نحو القوة والسيطرة والهيمنة لن يفضي إلا إلى الصراع مع الشعوب الراغبة في الحفاظ على وجودها وصيانة هويتها وبالتالي تكريس الحروب والصراعات فيما بينها، وهذا لن يتجاوز إلا عبر الإقرار بحق الشعوب والأقليات في التمتع بكل فعاليات ثقافتهم سواء أكان دينيا أو لغويا أو عرقيا أو غيره... وكذا الانتقال من التعصب إلى التسامح، ونبذ ما يستبدل الحوار بين الشعوب بالنزاع، والتعاون بالشقاق، والاعتماد المتبادل بالانغلاق على النفس. وإشاعة السلام القائم على العدل في الكوكب الأرضي الذي تحوّل إلى قرية كونية بفضل ثورة الاتصالات المذهلة. والاحترام الكامل للهويات الحضارية، وعدم التمييز بين الثقافات، والقضاء إلى الأبد على مفاهيم التميز العرقي وعولمة الثقافة الواحدة وكونيتها.
حاصل القول، إن التنوع الثقافي يقوم على المساواة الكاملة بين الشعوب، واحترام الاختلاف بينها، والنظر إلى هذا الاختلاف بوصفه مصدر غنى لا يحول دون التفاعل وتبادل الخبرات، ومن ثم الحفاظ على العلاقة الحوارية بين المحلي والعالمي، الخاص والعام، وذلك في المدى الذي تغتني به العلاقة بين كل الأطراف، من دون تمييز أو تراتب، بل من منظور نفهم غايته من خلال مبدأ صاغه الهندي "المهاتما غاندي" عندما قال: "إنني على استعداد لأن أفتح نوافذ بيتي لتدخله الرياح من كل اتجاه وكل جانب، ولكن من دون أن تقوض هذه الرياح الجذور التي يقوم عليها بيتي والأسس التي ينهض عليه"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صدى الصمت
عضو برونزي
عضو برونزي
صدى الصمت


انثى
مسآهمـآتي? : 3763
دولت? : المغرب
تاريخ التسجيل : 04/09/2007

حوافز لوحات
نقاط التميز نقاط التميز: 1460
الاوسمة الاوسمة: 3
دروس في مادة الفلسفة Empty
مُساهمةموضوع: رد: دروس في مادة الفلسفة   دروس في مادة الفلسفة Icon_minitimeالأربعاء 05 نوفمبر 2008, 03:08

يعطيك العافية اخي على الدروس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دروس في مادة الفلسفة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دروس الفلسفة
» دروس الفلسفة الثانية باك
» دروس في مادة الاجتماعيات :
» دروس في مادة الاجتماعيات ملخصة....الدورة1 .
» كيف يتعامل تلميذ البكالوريا مع اختبار الفلسفة؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: °ˆ~*¤®§ شؤون تعليمية §®¤*~ˆ° :: ..{ الدِرَاسَـةُ وَالمَـنَاهِج التَـعْلِيـمِيَة .. ◦●-
انتقل الى: