معادله ... يفهمها المربون, موضوع تربوي متجدد

معادلة... ...يفهمها ..المربون

كثير من الشكاوى تتردد على مسامعنا من الآباء والأمهات.. فمنهم من يقول.. ابني ينام كثيرًا

وآخر يشتكي فيقول.. طفلي كسول جدًا كثير التثاؤب

وثالث يشتكي ويقول: ابني مكتئب منطوي على نفسه لا يخالط الآخرين.

ورابع يقول: ابني لا يستطيع التركيز في مذاكرته.

إننا إن تأملنا هذه الحالات جميعًا، لوجدنا أن السبب في هذه الشكاوى العديدة أن هؤلاء الآباء غفلوا عن معنى هام، وهو أهمية الراحة الجسدية والترويح النفسي للطفل.

نعم أخي المربي: "ما بين الراحة والترويح يصنع الطفل الصحيح"، نعم أنت تصنعه وهذه ليست دعوة إلى التكاسل والنوم، ولكننا نركز على أهمية الراحة الجسدية، والراحة النفسية وذلك بالترويح، لأننا إن ركزنا اهتمامنا على هذين العنصرين سنصل بأطفالنا إلى مستوى أقوى من البناء الجسدي القوي والبناء النفسي الراسخ الثابت أيضًا.
لا غنى إذًا لأي فرد بشري عن التمتع بقسط كاف من الراحة بعد الأعمال المضنية والمجهودات الشاقة، وإذا لم ينظم الإنسان لنفسه ولطفله مواعيد معينة للراحة والاستجمام في يومه، فإن عناصر التعب تتجمع وتسبب له إرهاقًا متواصلًا يظهر في صورة صراخ أو إغماء أو اضطرابات عصبية شديدة، وتزداد هذه المخاطر عند ذوي السن المبكرة وعند ذوي البنية الجسدية الضعيفة، إذا ما أرهقوا أنفسهم وكلفوها بأعمال تفوق طاقاتهم وقدراتهم بدافع إثبات المقدرة والكفاءة، وتحقيق النجاح أو الطموح.

ويجب أن تعلم أيها الوالد الموفق أن علم النفس يؤكد على حاجة الطفل الترويح واللعب (حيث يفيد اللعب والحركة، أعضاء الحس من حيث العضلات أو الأوتار والمفاصل، وهي ما يسمى بالرياضة الوظيفية لأعضاء الجسم، وهو يبعث الرضا والارتياح في نفس الطفل، لأنه يجعله في نشاط وفاعلية كما ينمي الجهاز العضلي، ويمتد النمو من المجموعات العضلية الكبيرة إلى الصغيرة، كما أن اللعب والنشاط تشبع حاجة الطفل للاستطلاع والمعرفة والفهم للعالم المحيط به، وتساعد في بناء شخصيته الإنسانية، مما يفيد في تنمية روح الإقدام والمشاركة والمبادأة، وتشبع حاجته إلى الإنجاز والتعبير عن الذات) ]علم النفس الأسري، أحمد محمد مبارك الكندري، ص(136)، بتصرف].

تجديد الطاقة:

ومما يرتبط بالراحة والترويح أنها تجدد الطاقة، فالترويح الذي يشمل ممارسة مختلف أنواع الهوايات والرياضات والألعاب والأنشطة الحرة الفردية والجماعية، يعتبر وسيلة بناءة إذا ما كانت ذات هدف تربوي، وتفيد في استغلال أوقات الراحة والفراغ بالأشياء المفيدة التي تصقل العقل وتهذب الخلق وتروح عن النفس، وترقي الوجدان وتريح البدن وتتيح للإنسان فرصة السعادة والتمتع بميوله ومواهبه وإبداعته.

السنة النبوية تؤكد أهمية الراحة والترويح:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب من نفسه المثل التربوي، للصحابة في الترويح عن النفس وعدم تحميلها فوق ما تطيق، فعن أنس بن مالك: (جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) ]متفق عليه].

فنستفيد من هذا الحديث أنه لابد من أن يكون لجسدك عليك حق ولجسد ابنك عليك حق إن كنت تريد أن تبنيه بناءً حقيقا.
وقد أثبت العلم الحديث أن اللعب له تأثير نفسي على الطفل فهو (يساعد الطفل على التخفيف من المخاوف والتوترات التي تخلقها الضغوط المفروضة عليه من بيئته والأساليب غير الرشيدة في تربيته، كما أنه يساعد الطفل على التعبير عن انفعالاته) 0]ن التربية في الإسلام، محمد سعيد مرسي ، (2/327)، بتصرف يسير].

كما أن الترويح يجعل طفلك أكثر نشاطًا للعمل (فالجسم كلما كان قويًا نشيطًا، كان الإنسان أكثر قابلية وقدرة على العمل) [أصول التربية الإسلامية، خالد بن حامد الحازمي ، ص(197)].

ولربما كان بعض الآباء يشتكي كثرة الراحة والنوم الزائد عن الحد لأبنائه ، وسبب ذلك أن هؤلاء الآباء ربما يفهمون أن راحة أبنائهم والترويح عنهم تكمن في أن ينال قسطًا من الراحة والنوم ـ وإن كان ذلك هامًا ـ فتجد الولد ينام في معظم يومه.

ولذلك ما بين الراحة والترويح يحدث التوزان فلا تعب، ولا إرهاق ولا كسل ولا خمول، وبهذه النظرة المتكاملة للإنسان كروح وبدن، أعطت السنة النبوية "للبدن" حقه في الراحة والاستجمام ودعت إلى تجنيبه الإرهاق والتعب صونًا لسلامته وحفاظًا على صحته لكي يؤدي دوره الفعال في الطاعات والتكاليف والأعمال.

واهتمت السنة النبوية أيما اهتمام بالترويح لأثره الفعال في الصحة البدنية، وبالتالي في الصحة العقلية والصحة النفسية وكان موقفها الإيجابي من الترويح بمظاهره وعوامله المختلفة،موقفًا تربويًا سباقًا ورائدًا عندما نضع في الحسبان ما أكدته نظريات التربية الحديثة بخصوص أهمية الترويح وفعاليته في التنفيس عن الطاقات الجسدية والنفسية للإنسان واستجمامه واستعادته لقواه واستجماعه لطاقاته وحيويته من جديد، فضلًا عن تعلمه وتدربه ونمو خبراته وتجاربه من خلال ما يمارسه من ألعاب وأنشطة ترويحية.

نماذج من اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالجانب الترويحي:

1ـ عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: (كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير يا أبا عمير ما فعل النغير) [البخاري].

2ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مستجمعًا قط ضاحكًا حتى أرى منه لهواته إنما كان يبتسم) [البخاري].

3ـ قول النبي صلى الله عليه وسلم لحنظلة مشفقًا عليه: (ولكن يا حنظلة ساعة وساعة) [مسلم].

4ـ عن عائشة قالت: (دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار في يوم بعاث قالت وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر أبمزمور الشيطان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في يوم عيد الفطر فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إن لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا) [صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، (1898)].

5ـ عن عائشة قالت: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بالحراب في المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لأنظر إلى لعبهم بين أذنه وعاتقه ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو) [متفق عليه].

6ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن فيسربهن إلي فيلعبن معي) [متفق عليه].

7ـ وعن عائشة قالت: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب فقال ما هذا يا عائشة قالت بناتي ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع فقال ما هذا الذي أرى وسطهن قالت فرس قال وما هذا الذي عليه قالت جناحان قال فرس له جناحان قالت أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة قالت فضحك حتى رأيت نواجذه) [صححه الألباني في صحيح سنن أبي داواد، (4932)].

(وكان عليه السلام لا يثقل على صحابته وإنما كان يروح عنهم، ويتخولهم بالموعظة حتى لا يسأموا، فعن ابن مسعود رضي الله عنه (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا) [متفق عليه]، ويستنبط ابن حجر العسقلاني من الحديث استحباب ترك المداومة في الجد في العمل الصالح خشية الملال) [التربية في السنة النبوية، أبو لبابة حسين، ص(76)].

كلمة أخيرة:

إن الترويح واللعب من أجل أن يؤتي ثماره، لابد أن يكون بناء ومفيد لصقل المواهب والمهارات المختلفة النافعة للإنسان في حياته، وأن يكون مناسب لكل مرحلة عمرية، وأحبك أخي المربي إحداث هذا التوازن بين الراحة والترويح وبين الجد والعمل لطفلك، واسع أن تحقق هذه المعادلة، فعن طريقها يُصنع الرواد الذين يرفعون للخير راية ويحققون مجد الأمة.

المصادر:
· أصول التربية الإسلامية خالد بن حامد الحازمي.
· فن التربية في الإسلام محمد سعيد مرسي.
· علم النفس الأسري أحمد محمد مبارك الكندري.
· التربية في السنة النبوية أبو لبابة حسين.

شكرا لك على الطرح

جزاك الله ألف خير على الموضوع

شكرا لك ادمين

شكرا اخي احمد

شكرًا على مرور كم الطيب

شكرا احمد على الموضوع دائما وابدا وكما عاهدناك كل ماهو مفيذ

شكرا على الطرح

شكرا على موضوعك القيم

شكرا على موضوعك القيم ahmed

مشكورين على اهتمامكم وتتبعكم

دمتم لي

موضوع مفيد اعجبني بصراحة
شكراً

» كل ما هو تربوي
» موقع تربوي
» فيلم تربوي الصاحبي
» موقع تربوي جديد
» إن تقول (نشيد تربوي)